"ملكة زخات الشهب" تضيء السماء، فكيف يمكن مشاهدتها؟

صدر الصورة، Getty Images
من المنتظر أن تضيء واحدة من أروع زخّات الشهب هذا العام السماء خلال الأسبوعين المقبلين. تصل الشهب بسرعة هائلة، وتصطدم بالغلاف الجوي للأرض بسرعة تقارب 260 ألف كيلومتر في الساعة، وتخلّف وراءها سيلًا من الشهب اللامعة.
لا تحتاج إلى تلسكوب أو منظار لمشاهدتها. هذا الشهر، ستقدم "ملكة" زخّات الشهب عرضاً يمكن رؤيته من أي مكان على الأرض.
تصف ناسا زخة التوأميات بأنها من "أفضل الزخّات السنوية وأكثرها انتظاماً"، وهي تتميّز أيضاً بتنوع ألوانها، ما يجعلها من أجملها على الإطلاق.
في ليلة مظلمة بسماء صافية، يمكن مشاهدة حتى 120 شهاباً في الساعة. وعندما تتباطأ سرعتها إلى نحو 130 ألف كيلومتر في الساعة، تصبح مشاهدتها أوضح وأكثر متعة.

صدر الصورة، Getty Images
كيف نشاهد شهب التوأميات؟
يمكن مشاهدة زخة التوأميات هذا العالم بين 4 و20 ديسمبر/كانون الأول، على أن تبلغ ذروتها نحو منتصف ليل الأحد 14 ديسمبر/كانون الأول. تظهر في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، لكنها أوضح في الشمال. تحمل اسم "التوأميات" نسبةً إلى كوكبة التوأمين، وهي المنطقة التي تبدو الشهب كأنها تنطلق منها.
توضح الدكتورة ماغي أديرين-بوكوك، عالمة الفضاء ومقدمة برنامج "السماء في الليل" على بي بي سي، أن أفضل طريقة لمشاهدتها هي ببساطة التحديق إلى السماء. لا يشترط النظر مباشرة إلى كوكبة التوأمين، لكنها تشير إلى أن ذلك قد يزيد عدد ما تشاهده. وتضيف: "إذا عثرت على كوكبة الجبّار، انظر قليلاً إلى اليسار لتجد كوكبة التوأمين، وهي نقطة انطلاق هذه الشهب".
لن تكون بحاجة لأي معدات خاصة، والمشاهدة بالعين المجردة قد تكون أسهل. من الأفضل اختيار مكان مفتوح ومظلم بعيداً عن إضاءة المدن، ومنح العينين بعض الوقت للتأقلم مع الظلام والامتناع عن النظر إلى الهاتف.
ويشير الدكتور مينجاي كيم، الباحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة وارويك البريطانية، إلى إمكانية استخدام تطبيقات مراقبة السماء لتحديد موقع الكوكبة. ويصف الزخة بأنها "حدث ليلي بديع تبدو فيه الشهب وكأنها تنبعث من نقطة واحدة في السماء"، مؤكداً أنه بمجرد تحديد كوكبة التوأمين يصبح رصدها سهلاً.

حقائق عن زخّة التوأميات
1- مع زخة الرباعيات، تعد التوأميات واحدة من الزخات الكبرى الوحيدة التي لا تأتي من مذنّب.
2- الخطوط اللامعة في السماء قد تنتج عن جسيمات دقيقة لا يتجاوز حجمها حبة رمل.
3- رصدت التوأميات لأول مرة عام 1862، أي بعد وقت طويل من زخّات مشهورة مثل البرشاويات والأسديات.
4- تُرجّح الأرصاد أن التوأميات تزداد كثافة عاماً بعد عام.
المصدر: المتاحف الملكية في غرينوتش
الشهاب، الحجر النيزكي، النيزك، الكويكب، المذنب... ما الفرق؟

صدر الصورة، Getty Images
لشهاب هو الأثر الساطع الذي تتركه جسيمات فضائية تحترق وتتبخّر عند اصطدامها بالغلاف الجوي للأرض.
أما الأجسام نفسها فتسمّى نيازك، وهي قطع من صخور أو جليد مصدرها كويكب أو مذنّب.
إذا نجت من الاحتراق ووصلت إلى سطح الأرض، تُسمّى حجراً نيزكياً.
الكويكبات هي أجسام صخرية كبيرة نسبياً تدور حول الشمس.
أمّا المذنّبات فهي أيضاً تدور حول الشمس، لكنها تتكوّن من الجليد والغبار، لا من الصخور.
كم مرة تضرب النيازك الأرض؟

صدر الصورة، Getty Images
تتعرّض الأرض يومياً كميات تتراوح بين 100 و300 طن من الغبار الفضائي وجسيمات لا يتجاوز حجمها حبة رمل، وفقاً لوكالة ناسا، ويصل إلى سطح الكوكب نحو 44 طناً من المواد النيزكية.
مرة واحدة تقريباً كل عام، يدخل نيزك بحجم سيارة الغلاف الجوي للأرض، محدثاً كرة نارية لافتة قبل أن يحترق بالكامل دون أن يصل إلى السطح.
أما كل نحو 2000 عام، فيصطدم نيزك بحجم ملعب كرة قدم بالأرض، مسبباً أضراراً كبيرة في المنطقة التي يسقط فيها.
ما هي زخة الشهب؟

صدر الصورة، PA Media
زخة الشهب هي ببساطة زيادة كبيرة في عدد الشهب المرئية في السماء. تظهر هذه الزخات سنوياً أو على فترات منتظمة، كلما عبرت الأرض مسارَ بقايا فضائية تخلفها أجسام سماوية.
تعدّ البرشاويات أشهر زخة سنوية، وتبلغ ذروتها في شهر أغسطس/آب. كل شهاب برشاوي هو جزء دقيق من مذنّب سويفت - تتل. أما المذنب هالي، فهو مصدر زختَي إيتا الدلويات والجباريات.
تظهر التوأميات في منتصف ديسمبر/كانون الأول، عندما يعبر كوكبنا في مداره سيلاً من الحطام المنطلق من كويكب صخري يعرف باسم 3200 فايثون.
مع اقتراب هذا الكويكب من الشمس، تؤدي الحرارة إلى تفكك طبقاته السطحية، فتتناثر في الفضاء قطع صغيرة بحجم حبة الرمل حتى حجم حبة البازلاء، تاركة خلفها مساراً من الصخور الدقيقة.
تعبر الأرض هذا المسار كل عام، ونرى وهج هذه الجسيمات وهي تحترق في الغلاف الجوي، فتبدو لنا كسرب من "النجوم المنطلقة". تقول الدكتورة ماغي أدرين - بوكوك: "لا صلة لهذه الشهب بالنجوم، فهي مجرد قطع صغيرة من الحطام تحترق وتضيء السماء".
معظم الزخات مصدرها المذنبات، وهي أجسام ��ليدية تشبه "كرات الثلج المتسخة". لكن التوأميات حالة مختلفة، لأنها تأتي من كويكب صخري، لا من مذنب، وهذا يجعلها "أكثر إثارة"، بحسب أدرين - بوكوك. وتوضح أن عدداً كبيراً من الشهب في هذه الزخة سيكون ملوناً بسبب اختلاف العناصر الموجودة في الجسيمات.
تتميز الشهب في هذه الزخة بسطوعها الشديد ولونها الغالب الأبيض، وقد تظهر أحياناً باللون الأصفر أو الأخضر أو الأحمر أو الأزرق.
ويرجع جزء من هذه الألوان إلى وجود مقادير صغيرة من معادن مثل الصوديوم والكالسيوم، وهي العناصر نفسها التي تكسب الألعاب النارية ألوانها المختلفة.
ما هي احتمالات اصطدام نيزك بنا؟

صدر الصورة، Getty Images
عادةً ما تكون قطع النيازك صغيرة الحجم، من جسيمات دقيقة بحجم الغبار إلى صخور صغيرة، وفقاً لوكالة ناسا، وغالباً ما تكون صغيرة بما يكفي لتحترق سريعاً في الغلاف الجوي.
لكنها سقطت في حالات نادرة على الأرض وأصابت أشخاصاً، بحسب دورية International Comet Quarterly المتخصصة في تتبّع الشهب والنيازك.
عام 1994، في مدينة خيتافي الإسبانية، اخترقت قطعة نيزكية الزجاج الأمامي لسيارة "بي إم دبليو" كانت تسير في الشارع، ولم يصب السائق المحظوظ سوى بكسر في إصبع يده.
وفي عام 1992، تساقطت قطع نيزكية على منطقة مكتظة بالسكان في مدينة مبالي ومحيطها في أوغندا، فأصابت شظية وزنها 3.6 غرامات صبياً في رأسه. ويُقال إن أوراق الموز أبطأت سقوطها قبل أن تلامسه، حتى إن الصبي تمكّن من التقاط الحجر بعد سقوطه.
وفي عام 1954 بولاية ألاباما الأميركية، اخترقت صخرة نيزكية بحجم ثمرة "غريب فروت" سقف منزل، وارتدت عن جهاز راديو قبل أن تصيب آن هودجز وهي جالسة في غرفة معيشتها، تاركة كدمة كبيرة في جسدها.

صدر الصورة، UNIVERSITY OF ALABAMA MUSEUMS, TUSCALOOSA, ALABAM
شهدت روسيا حادثين كبيرين انفجرت فيهما صخور فضائية في الهواء وتسببت بأضرار واسعة. في فبراير/شباط 2013، انفجرت كرة نارية شديدة السطوع، تُعرف باسم "سوبر بوليد"، فوق منطقة الأورال، ما أدى إلى تساقط شظايا نيزكية وإصابة نحو 1500 شخص، معظمهم بسبب تحطم النوافذ الزجاجية تحت تأثير موجة الصدمة.
وفي عام 1908، في منطقة تونغوسكا بسيبيريا، انفجرت صخرة دخلت الغلاف الجوي للأرض في السماء، فدمّرت نحو 2000 كيلومتر مربع من الغابات، وتسببت بمقتل رجلين ونفوق مئات من حيوانات الرنة.











